أخباراخر الأبحاثالإستدامة

التحول نحو الطاقة المتجددة في القطب الجنوبي: حلول مستدامة لمشاريع البحث والاستكشاف

تعد الطاقة المتجددة أساسية لمشاريع البحث في القطب الجنوبي، حيث تقدم حلاً بيئياً واقتصادياً لتزويد المعدات البحثية بالطاقة بعيداً عن الاعتماد على الديزل. دراسة حديثة نُشرت في مجلة “Earth’s Future” تبين كيف يمكن تحقيق توفير كبير في استهلاك الوقود الحفري باستخدام تقنيات الطاقة المتجددة في هذه المنطقة القطبية.

تقدم الدراسة التي أجراها باحثون من مختبر الطاقة المتجددة الوطني (NREL) ومركز الدعم في  NRELنموذجاً محدداً لنظام هجين لتوليد الطاقة في القطب الجنوبي. يتضمن هذا النظام ستة توربينات رياح تولد 170 كيلو واط، بالإضافة إلى 180 كيلو واط من الطاقة الشمسية و3.4 ميجا واط ساعة من تخزين البطارية. يهدف النظام إلى تقليل استخدام الديزل بنسبة 96٪، مما يقلل من تكاليف نقل الوقود إلى المنطقة ويحد من التلوث البيئي الناتج عن حرق الديزل في مثل هذه البيئات القاسية.

على مدى 15 عاماً، يُتوقع أن يوفر هذا النظام استخدام كميات أقل من الديزل تُقدر بـ 57 مليون دولار. وفقاً للبحث، فإن استرداد رأس المال الذي يتطلبه تثبيت هذه التكنولوجيات سيكون في غضون حوالي عامين فقط.

 

من بين المشاريع البحثية المستفيدة من هذا النوع من الإمدادات الطاقوية في القطب الجنوبي تلسكوبات الميكروويف التي تلعب دورًا هامًا في البحوث العلمية. تستخدم هذه التلسكوبات لقياس الخلفية الكونية للموجات الميكروية، مما يساعد على فهم تاريخ الكون البعيد ومصادر الإشعاعات الميكروية. وتقول الدراسات إن بفضل هذه التكنولوجيات، يمكن رصد ضوءٍ نُشِر بعد حوالي 380 ألف سنة من الانفجار الكبير، الذي يعود تاريخه إلى حوالي 13 مليار سنة. تعد هذه الدراسة خطوة مهمة نحو تعزيز الاستدامة في القطب الجنوبي، حيث تساهم في تقليل البصمة البيئية لعمليات البحث والاستكشاف العلمي في هذه المناطق البعيدة والمنعزلة.

مع تطور التكنولوجيا، تواجه مثل هذه المشاريع تحديات فنية وهندسية كبيرة. على سبيل المثال، يجب تصميم الألواح الشمسية بحيث لا تُدفن تحت الثلوج المتراكمة، كما يجب أن يُثبت أساس توربينات الرياح على الجليد. تتطلب هذه التحديات حلولاً هندسية دقيقة لضمان أداء مستدام وفعال للأنظمة الطاقوية في هذه الظروف القاسية.

بالإضافة إلى ذلك، يتطلب استخدام الطاقة المتجددة في القطب الجنوبي استراتيجيات مرنة ومتطورة، تأخذ بعين الاعتبار الظروف الفريدة لهذه المنطقة. فعلى سبيل المثال، يشهد القطب الجنوبي فصولاً متطرفة مثل الليالي القطبية التي تدوم لأشهر بالإضافة إلى الأشهر الستة التي يُضاء فيها القطب بشكل متواصل دون غروب للشمس، مما يتطلب استراتيجيات مختلفة للاستفادة من الطاقة الشمسية وتحقيق أقصى كفاءة منها.

الاعتماد المستمر على الديزل لتزويد المنطقة بالطاقة ليس فقط كلفة مالية عالية بل يزيد أيضاً من الضرر البيئي ويجعل القطب الجنوبي أقل استدامة لعمليات البحث والاستكشاف العلمي. لذا، تمثل التقنيات المتجددة خطوة هامة نحو تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.

بشكل عام تبرز الدراسة أن الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة في القطب الجنوبي ليس فقط مناسباً بيئياً واقتصادياً ولكنه أيضاً ضروري للحفاظ على البيئة الطبيعية وتقديم موارد طاقوية مستدامة للأبحاث العلمية في هذه المنطقة الفريدة من نوعها.

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button
error: المحتوى حصري