الطاقة الشمسية

 الزراعة الكهروضوئية: الحل المتكامل لأزمة الطاقة والزراعة في أوروبا الوسطى

تشهد دول الاتحاد الأوروبي صراعات حول استخدام الأراضي، مما أثار العديد من الاعتراضات على مشاريع الطاقة الشمسية الريفية، خاصة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى مثل أوروبا. ومع ذلك، تشير دراسة جديدة حول إمكانات تطوير الطاقة الشمسية في أربع دول في أوروبا الوسطى إلى أن الزراعة الكهروضوئية، التي تدمج بين الزراعة والطاقة الشمسية، يمكن أن تقدم حلاً شاملاً لتحسين غلة المحاصيل والدخل، وتعزيز التنوع البيولوجي، وزيادة مرونة الطاقة.

ما هي الزراعة الكهروضوئية؟

الزراعة الكهروضوئية تعني زراعة المحاصيل أو توفير موائل للملقحات تحت صفوف الألواح الشمسية. ورغم أن الفكرة تبدو غير عملية للوهلة الأولى، إذ تترك الألواح مساحة أقل للزراعة والعكس، إلا أن الأبحاث تظهر أن بعض المحاصيل تزدهر في الظل الجزئي الناتج عن وجود الألواح الشمسية، مما يجعل هذه التقنية واعدة في السمتقبل القريب، حيث تولد  الألواح الشمسية الحديثة كميات كبيرة من الكهرباء مع شغل مساحة أقل، مما يتيح تكامل الزراعة والطاقة بشكل فعال.

تدعم السياسات الأوروبية الآن هذه المبادرات، كما يظهر في تجربة ألمانيا التي وضعت إرشادات تقنية وأنظمة تشريعية لتحفيز الزراعة الكهروضوئية، مما دفع أكثر من 70% من المزارعين لتبني هذه التكنولوجيا.

الوضع في أوروبا الوسطى

بالرغم من النجاحات في دول مثل ألمانيا، لا تزال دول أوروبا الوسطى متأخرة في تبني الطاقة الكهروضوئية الزراعية. تشير الدراسة التي نشرتها مؤسسة Ember إلى أن هذه الدول، بما في ذلك المجر وبولندا وسلوفاكيا، تحصيل فوائد قيمة مثل زيادة دخل المزارعين وتدعيم أمن الطاقة. فعلي سبيل المثال في جمهورية التشيك –  وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي اعتمدت تشريعات تدعم هذه التقنية، أظهرت دراسة حالة إمكانية تحقيق ربح سنوي قدره 1268 يورو لكل هكتار من مبيعات الكهرباء والقمح، مقارنة بخسائر متوقعة للزراعة التقليدية.

الاستقلال في مجال الطاقة

إلى جانب تحسين الإنتاج الزراعي، يمكن للزراعة الكهروضوئية أن تساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة. إذا تم تبني هذه التقنية في الدول الأربع المستهدفة، يمكن أن تضيف 180 جيجاوات من الطاقة المتجددة سنويًا، وهو ما يكفي لتغطية 68% من الطلب على الكهرباء في هذه الدول. يمكن استخدام 9% فقط من هذا الإنتاج لتلبية احتياجات الكهرباء في القطاع الزراعي وتصنيع الأغذية، مما يعزز الأمن الغذائي والطاقي في المنطقة.

كفاءة استخدام الأراضي

تعتبر كفاءة استخدام الأراضي من القضايا المهمة التي تدور حولها النقاشات في أوروبا والولايات المتحدة. توضح الدراسة أن الزراعة الكهروضوئية يمكن أن تزيد من كفاءة استخدام الأراضي إلى مستويات تتراوح بين 104% و180%، حسب نوع المحصول، مما يظهر فعالية هذه التقنية مقارنة بالفصل التقليدي بين الزراعة والطاقة.

تعزز الزراعة الكهروضوئية أيضاً الحفاظ على المناظر الطبيعية والحد من التوسع العمراني، مع التوافق مع ممارسات الزراعة التجديدية التي تدعم التنوع البيولوجي وصحة التربة.

في الختام، تقدم الزراعة الكهروضوئية فرصة مهمة للمزارعين لتطوير مشاريع طاقة متجددة تكمل نشاطاتهم الزراعية، مما يوفر نموذجاً متقدماً لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري