الإستدامةطاقة الرياح

طاقة الرياح البحرية العائمة: تقنية جديدة لمستقبل أكثر استدامة

تعد طاقة الرياح البحرية العائمة من التقنيات المتقدمة التي تهدف إلى توسيع استخدام طاقة الرياح في أعماق المحيطات، حيث تكون سرعات الرياح أكثر استقرارًا وقوة. تعتمد هذه التكنولوجيا على منصات عائمة تحمل توربينات الرياح، مما يتيح تثبيتها في أعماق تصل إلى ألف متر، متجاوزة القيود التي تواجهها التوربينات البحرية التقليدية.

مفهوم أنظمة الرياح البحرية العائمة

تعتمد أنظمة الرياح البحرية العائمة على تركيب توربينات الرياح على منصات عائمة، ما يسمح بتشغيلها في أعماق لا تصلح للتوربينات التقليدية. يتم استخدام عدة أنواع من الهياكل العائمة، بما في ذلك:

  1. منصات مثبتة بالأوزان (Ballasted Platform) تعتمد على ثقل الهيكل للحفاظ على الاستقرار.
  2. الهياكل المشدودة (Tension Leg Platform) تُثبت باستخدام كابلات تحت ضغط عالٍ.
  3. الهياكل شبه المغمورة (Semi-Submersible) تعتمد على الطفو والاستقرار من خلال التوازن بين الأجزاء المغمورة والمرتبطة بقاع البحر.

آلية نقل الطاقة

  • تُنقل الطاقة المولدة من التوربينات عبر كابلات تحت البحر إلى المحطات البرية.
  • تُستخدم محولات بحرية لتحسين كفاءة نقل الكهرباء وتقليل الفاقد.

ميزات التصميم العائم

  • استغلال الرياح العميقة:  يتيح الوصول إلى مناطق أقوى من حيث سرعة الرياح واستدامتها.
  • مرونة الموقع:  يمكن تركيبها في المواقع التي تتعذر على التوربينات التقليدية الوصول إليها.
  • تقليل التأثير البيئي:  تقلل من التداخل مع البيئة البحرية مقارنة بالتوربينات المثبتة بالقاع.

مشاريع رائدة في طاقة الرياح البحرية العائمة

 Hywind Scotland

  • الوصف:  أول مشروع تجاري لطاقة الرياح البحرية العائمة في العالم.
  • السعة:  30 ميجاواط، ما يكفي لتزويد 20,000 منزل بالطاقة.
  • الأداء:  سجلت توربينات المشروع معدل إنتاجية يزيد عن 57%، وهو أعلى بكثير من المعدلات التقليدية.

 WindFloat Atlantic

  • التكنولوجيا: تستخدم هياكل شبه مغمورة لتثبيت التوربينات.
  • السعة:   25 ميجاواط.
  • الموقع:  قبالة الساحل البرتغالي، حيث تم اختبار التقنية بنجاح في مواجهة الظروف البحرية القاسية.

Kincardine Offshore Wind Farm

  • السعة:   50 ميجاواط، وهي حاليًا أكبر مزرعة رياح بحرية عائمة.
  • التقنيات:  تعتمد على تصميم متقدم للهياكل العائمة لتحسين الأداء في أعماق تصل إلى 200 متر.

مزايا تقنية الرياح البحرية العائمة مقارنة بالتوربينات التقليدية

  1. الأداء والإنتاجية:
  • تستفيد التوربينات العائمة من رياح قوية وثابتة، مما يزيد من كفاءتها.
  • يمكنها تحقيق معدل إنتاجية يفوق 50% مقارنة بـ35%-40% للتوربينات البحرية التقليدية.
  1. التأثير البيئي:
  • تقليل التأثير على قاع البحر والنظم البيئية البحرية.
  • إمكانية تركيبها بعيدًا عن الشواطئ لتقليل الأثر البصري والضوضاء.
  1. نطاق الاستخدام:
  • يمكن تثبيتها في أعماق تصل إلى 1,000 متر، مقارنة بحد أقصى 60 مترًا للتوربينات التقليدية.
  1. المرونة التشغيلية:
  • سهولة تفكيكها أو نقلها عند الحاجة.
  • إمكانية الصيانة الدورية بعيدًا عن مواقع التركيب لتقليل التكاليف.

التحديات التقنية والفنية

  1. التكلفة العالية:
    • تبلغ تكلفة بناء المزرعة العائمة حوالي 2-3 أضعاف تكلفة المزارع التقليدية، لكنها تتراجع تدريجيًا مع توسع الابتكار والإنتاج.
  2. البنية التحتية للنقل البحري:
    • يتطلب تطوير شبكات كابلات بحرية قادرة على التعامل مع الطاقة المولدة ونقلها بكفاءة.
  3. الاستقرار الديناميكي:
    • تتطلب الهياكل العائمة أنظمة متطورة لتحقيق استقرار التوربينات في ظل ظروف البحر المتغيرة.
  4. التآكل والصيانة:
    • التعرض الطويل للعوامل البحرية يزيد من الحاجة إلى صيانة مستمرة للهياكل والتوربينات.

التوقعات المستقبلية لهذه التقنية

  • نمو السوق:
    وفقًا لتقرير Global Wind Energy Council (GWEC)، يُتوقع أن تصل السعة العالمية للطاقة البحرية العائمة إلى 70 جيجاواط بحلول عام 2040.
  • الاستثمارات:
    بدأت دول مثل اليابان، كوريا الجنوبية، والنرويج بتخصيص ميزانيات ضخمة لدعم البحث والتطوير في هذا المجال.
  • الابتكار:
    يعمل المطورون على تحسين مواد البناء والهياكل لتقليل التكاليف وتحسين الكفاءة التشغيلية.

تُعد تقنية الرياح البحرية العائمة تطورًا ثوريًا في قطاع الطاقة المتجددة، إذ تفتح آفاقًا جديدة لاستغلال الرياح في المناطق البحرية العميقة. ومع الاستثمارات المتزايدة والابتكارات المستمرة، من المتوقع أن تلعب هذه التقنية دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف المناخية العالمية وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة للأجيال القادمة.

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري