نجاح تكوين أسواق استثمارية لإعادة تدوير الألواح الشمسية: فرنسا نموذجاً
و تمكنت المنظمة من جمع حوالي 3848 طنًا من الألواح منتهية الصلاحية في عام 2022 (بما فيها الألواح الشمسية التي تأثرت خلال عملية النقل بكسور وتشققات في الخلايا أو الألواح الشمسية التي فقدت إنتاجيتها بسبب العيوب المصنعية التي ظهرت بعد فترة بسيطة من استخدامها أو الألواح الشمسية التي تعرضت لمؤثرات خارجية أدت إلى خروجها من الخدمة أو ضعف إنتاجية الأداء لها إلى نسب كبيرة).
الجدير بالذكر أن ماتم تجميعه من الألواح الشمسية في عام 2022 كان أعلى من 2021 ولكنه أقل من 2019 و 2020. وهو ما يشير إلى أن عملية تجميع الألواح الشمسية مترابطة مع نمو الأسواق ونمو عمليات التركيب و الاستخدام للألواح الشمسية في مختلف القطاعات السكنية والتجارية والصناعية وقطاع المرافق.
فعلى سبيل المثال في عام 2019، تم جمع 5000 طن من الألواح الشمسية لإعادة تدويرها في فرنسا. و من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 50000 طن بحلول عام 2030 مع زيادة نسبة مشاركة مصادر الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة الفرنسي. كما أعلنت هيئة إعادة تدوير الألواح الممولة من الاتحاد الأوروبي (, EU-funded panel recycling body PV Cycle) أنها قد جمعت أكثر من 27000 طن متري من الألواح الشمسية بحلول نهاية عام 2018 في جميع أنحاء أوروبا، مما يدل على أهمية إدارة النفايات الشمسية وإعادة تدوير الألواح التي تجاوزت عمرها الافتراضي 25 عامًا أو التي تعرضت لظروف قللت من عمر الخدمة المفترض.
وبحسب لوائح الاتحاد الأوروبي فإنه يتطلب جمع 85٪ وإعادة تدوير 80٪ من المواد المستخدمة في الألواح الشمسية، بموجب القرار الخاص بنفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية (WEEE) ، والذي تم تمديده ليشمل منتجات الطاقة الشمسية في عام 2012.
تتكون الألواح الشمسية من الألومنيوم والزجاج والبلاستيك والنحاس والفضة والسيليكون ، ويتم تقطيعها وسحقها بعد إزالة الإطار والكابلات وصندوق التوصيل. يتم فصل المكونات وإرسالها إلى مسارات مختلفة لإعادة التدوير بشكل منفصل (كما هو في الصورة).
Image Source: kkhamada
لكن هل من الممكن إعادة تدوير الألواح الشمسية بنسبة 100%؟
في حقيقة الأمر أن هذا التساؤل أحد أهم التحديات التي تواجه قطاع البحث والتطوير في قطاع الطاقة الشمسية لأن عملية صناعة اللوح الشمسي عملية معقدة و مكوناته يتم دمجها بدقة عالية مما يعقد عملية إعادة التدوير بنسبة 100% كما هو الحال في بقية الأجهزة الكهربائية. فعلى سبيل المثال فقط 70% من مكونات الغسالة يمكن إعادة تدويرها.
ولذلك ساهم دعم وتمويل الشركات الناشئة و المطورة لعملية إعادة تدوير الألواح الشمسية و إطلاق برامج التمويل المختلفة في الاتحاد الأوروبي في تمكين الشركات للوصول إلى نسبة 95% لإعادة التدوير مكونات اللوح الشمسي. و لكن قرابة 5٪ من مكونات الألواح الشمسية لا يمكن إعادة تدويرها كونها عبارة عن غبار وخليط من المواد التي تم الحصول عليها بعد عملية التكسير والتفتيت لمكونات اللوح الشمسي ونسب الشوائب فيها كبيرة جداً.
التحديات في نماذج الأعمال و الأطر التنظيمية!
و عملت فرنسا على دعم نماذج الأعمال لشركات تجميع وإعادة تدوير الألواح الشمسية بشكل كبير. وذلك لأنه في الغالب تعد عملية التجميع للمخلفات أمراً بالغ الصعوبة ويشكل نسبة كبيرة من تكاليف عملية إعادة التدوير ويؤثر على فترة استرداد واقتصاديات هذه المشاريع مما يجعل العملية و الاستثمار فيها غير مجدي و غير مستدام. ولذلك من المتوقع أن تلعب نماذج الأعمال لإعادة الاستخدام والإصلاح وإعادة التصنيع وإعادة الاستخدام دورًا رئيسيًا في المستقبل في تطوير نموذج اقتصاد دائري مستدام معتمد على صناعة النفايات الكهروضوئية و يساهم في تحقيق أهداف الاستدامة الشاملة في قطاع الطاقة النظيفة.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي هو المنطقة الوحيدة التي اعتمدت إطارًا تنظيميًا واضحًا يدعم قطاع إعادة تدوير الألواح الشمسية الكهروضوئية، ولذلك تحتاج كثير من أسواق الطاقة الشمسية التي يكثر فيها نسبة التركيبات السنوية كالولايات المتحدة وأستراليا وآسيا ، العمل بشكل جاد وفعال لخلق نماذج و إطارات تشريعية ومالية للتغلب على هذا التحدي المستقبلي نظرًا للكميات الكبيرة من النفايات التي تلوح في الأفق والوتيرة الكبيرة المستمرة في استخدام الألواح الشمسية الكهروضوئية في هذه الأسواق و تعتبر النموذج و الأطر التشريعية في فرنسا نموذج يمكن أن يحتذى به لنجاح هذا القطاع.
وهنا يمكن لنا أن نتساءل عن شكل وحجم قطاع الاستثمار في إعادة تدوير الألواح الشمسية التي استخدمت وستسخدم في محطات ومنظومات الطاقة الشمسية في مختلف دول عالمنا العربي. ماهي التشريعات التي لابد منها و ماهي الأطر التنظيمية لها؟ ناهيك عن أن نفايات الألواح الشمسية قد ظهرت في وقت مبكر جداً في كثير من الأسواق العربية وخرجت الألواح الشمسية عن الخدمة في وقت مبكر إما بسب ردئة مكونات الألواح الشمسية وعدم خضوعها للاختبارات المخبرية وغياب شهادات الجودة أو بسبب سوء عملية التحجيم و التصميم و أخطاء التركيب القاتلة لاستدامة الكثير من مشاريع الطاقة الشمسية التي نشاهدها بشكل شبه يومي!
تحديات كبيرة تواجه قطاع الطاقة الشمسية في وقت مبكر لابد من تسليط الضوء عليها.
د. عبدالرحمن بابريك
لزياة موقع المنظمة
French environmental agency Soren