هل تستطيع بطاريات الصوديوم منافسة بطاريات الليثيوم على التكلفة؟

في السنوات الأخيرة، ظهرت بطاريات أيونات الصوديوم كبديل واعد لتكنولوجيا بطاريات الليثيوم-أيون، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأخيرة مثل نقص الإمدادات والتقلبات السعرية للمعادن الأساسية مثل الليثيوم والجرافيت والنيكل. وعلى الرغم من أن بطاريات الصوديوم تُعتبر خيارًا أقل تكلفة بفضل وفرة الصوديوم وانخفاض تكاليف استخراجه وتنقيته، إلا أن دراسة حديثة أجرتها جامعة ستانفورد كشفت أن البطاريات القائمة على الصوديوم تتطلب تطورات تكنولوجية كبيرة وظروف سوقية مواتية للتنافس من حيث التكلفة، لا سيما مع بطاريات الليثيوم منخفضة التكلفة مثل الليثيوم فوسفات الحديدية  (LFP)

أبرز نتائج دراسة جامعة ستانفورد

تناولت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Energy، تقييم الجدوى التقنية والاقتصادية لبطاريات الصوديوم عبر أكثر من 6000 سيناريو. تضمنت هذه السيناريوهات عوامل مثل خارطة طريق تطوير التكنولوجيا، والتقلبات في سلاسل الإمداد، ومعدلات اختراق السوق، ومنحنيات التعلم. وقد تم تحديد عدة مسارات محتملة قد تُمكّن بطاريات الصوديوم من تحقيق تنافسية في التكلفة مع بطاريات LFP بحلول ثلاثينيات القرن الحالي.

زيادة كثافة الطاقة

تُعد زيادة كثافة الطاقة أحد العوامل الأكثر أهمية لتحسين تنافسية بطاريات الصوديوم. حاليًا، تعاني هذه البطاريات من كثافة طاقة منخفضة، مما يؤدي إلى ارتفاع التكلفة لكل وحدة من الطاقة المخزّنة ويحد من انتشارها على نطاق واسع. يجب على المطورين استهداف كثافات طاقة مماثلة لبطاريات LFP، مع تقليل الاعتماد على المعادن الأساسية مرتفعة التكلفة مثل النيكل.

ابتكارات في الأنودات والكاثودات

على عكس بطاريات الليثيوم-أيون، حيث تُعد الكاثودات هي المحرك الأساسي للتكلفة، فإن الأنودات هي المكون الأكثر تكلفة في بطاريات الصوديوم. تُبرز الدراسة أهمية زيادة السعة النوعية لأنودات الكربون الصلب أو استبدالها بمواد بديلة. من بين الحلول المقترحة:

• الأنودات السبائكية:  استخدام مواد مثل القصدير لتحسين الأداء.
• تصاميم خالية من الأنود:  التخلي عن الأنودات التقليدية تمامًا والاعتماد على تكوينات خالية من الأنود.

أما على مستوى الكاثود، فيُنصح بالابتعاد عن النيكل والمعادن مرتفعة التكلفة مع الحفاظ على معايير أداء مماثلة لبطاريات الليثيوم.

تأثير السوق وسلاسل الإمداد

أكدت الدراسة حساسية جداول تطوير بطاريات الصوديوم للتغيرات في سلاسل إمداد المعادن الأساسية. فعلى سبيل المثال، إذا ظلت أسعار الليثيوم عند مستوياتها المنخفضة تاريخيًا، فستواجه بطاريات الصوديوم خيارات تقنية أضيق لتحقيق ميزة سعرية. بالمقابل، يمكن أن تؤدي اضطرابات سلاسل الإمداد أو ارتفاع أسعار الليثيوم والجرافيت والنيكل إلى تحسين القدرة التنافسية لبطاريات الصوديوم.

الإمكانات طويلة المدى والاستثمارات الاستراتيجية

خلص الباحثون إلى أن التقدم الهندسي سيكون له تأثير أكبر على تقليل التكاليف مقارنة بمجرد زيادة الإنتاج. ومع ذلك، فإن تحقيق التنافسية السعرية مع بطاريات الليثيوم منخفضة التكلفة في المدى القريب قبل عام 2030 يبدو غير مرجح. ومع ذلك، تُعد بطاريات الصوديوم عنصرًا حيويًا في الانتقال نحو الطاقة النظيفة، حيث تقدم بديلاً قابلاً للتوسع في ظل تقلبات سلاسل الإمداد.

كما شدد الباحثون على أهمية الاستثمار في خارطة طريق تطوير تكنولوجيا بطاريات الصوديوم، لضمان مواكبتها لتطورات الليثيوم-أيون. في الوقت نفسه، يجب مواصلة تأمين سلاسل إمداد الليثيوم لتجنب أي صدمات محتملة في الإمدادات.

مبادرة STEER ودورها في التحول الطاقي

تُعد هذه الدراسة الأولى ضمن برنامج STEER  (أبحاث التكنولوجيا والاقتصاد والطاقة بجامعة ستانفورد)، وهو تعاون بين كلية ستانفورد للاستدامة ومعهد بريكورت للطاقة ومركز بطاريات ستانفورد SLAC ، يهدف البرنامج إلى تقييم الجدوى التقنية والاقتصادية للتقنيات الطاقية الناشئة وتقديم إرشادات حول مجالات الابتكار والاستثمار والتنفيذ.

الخلاصة

تواجه بطاريات الصوديوم طريقًا صعبًا لتحقيق التنافسية مع بطاريات الليثيوم-أيون من حيث التكلفة. ورغم ذلك، فإنها تقدم إمكانات واعدة كبديل قابل للتوسع في عالم يزداد تقييدًا بالموارد. يعتمد نجاحها على الابتكار في كثافة الطاقة، كفاءة المواد، والتكيف مع التغيرات في سلاسل الإمداد. الاستثمار في هذه التكنولوجيا اليوم قد يضمن دورها الحيوي في أنظمة الطاقة المستقبلية، خاصة في أوقات عدم استقرار سلاسل الإمداد.

للمزيد من التفاصيل الخاصة بالدراسة من هنا