ماهي المكاسب و المخاطر عند التحول نحو الطاقة المتجددة لتحقيق صافي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة ؟
توصلت دراسة تمّ إجراؤها مؤخراً إلى أنه من الممكن توفير ما لا يقل عن 12 تريليون دولار أمريكي عالمياً, إضافةً إلى التخلص التام من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في القطاعات المرافقة لإنتاج الطاقة بحلول العام 2050.
أجرى فريق بحثي من جامعة أكسفورد بالتعاون مع جامعة موناش الأسترالية دراسة حول الانتقال السريع نحو الطاقات المتجددة والاستثمار في تطبيقاتها المختلفة كإنتاج الطاقة الكهربائية والهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية والبطاريات.
وأشارت الدراسة إلى أن انخفاض تكاليف التحوّل نحو الطاقة صفرية الكربون بسبب انخفاض تكاليف تقنيات إنتاج الطاقة وتخزينها من مصادر متجددة, مقارنةً بتكاليف الوقود الأحفوري المرتفعة جداً والمتقلّبة, على عكس ما كانت الدراسات السابقة قد تنبأت به حول التكاليف الباهظة للانتقال للطاقة صفرية الكربون الأمر الذي شكل مصدر قلق للشركات والحكومات و اضطرها للتأخر في البدء بالتحوّل الحقيقي نحو الطاقة صفرية الكربون واتخاذ الإجراءات اللازمة و وضع السياسات التي من شأنها تسريع عملية الانتقال للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
واعتمدت هذه الدراسة على تحليل آلاف السيناريوهات حول تكاليف انتقال الطاقة التي تمّ إنتاجها من قبل نماذج الطاقة الرئيسية وبيانات لتكاليف الطاقة الشمسية على مدى 45 عام, و 37 عام بالنسبة لبيانات تكاليف طاقة الرياح, و 25 عام بالنسبة لبيانات بطاريات التخزين, وتوّصلت الدراسة إلى أنّه كلما كانت خطوات الانتقال أسرع, كلّما انخفضت التكاليف وازدادت الأرباح, حيث من المتوقع أن تنخفض تكاليف تقنيات التخزين الرئيسية كالبطاريات والمحللات الكهربائية للهيدروجين كما انخفضت تكاليف تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال العقدين الماضيين مع انتشار تطبيقهما على نطاق واسع حول العالم. وكانت الدراسات السابقة توقّعت أنّ متوسط انخفاض تكاليف الاستثمار في الطاقة الشمسية الكهروضوئية 2.6%, اعتماداً على المنحنيات البيانية لأكثر من 2905 إسقاط لمعدلات انخفاض تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية سنوياً للفترة الممتدة بين عامي 2010 و2020, الشكل (1), حيث كانت قيمة الانخفاض لها جميعها أقل من 6%, بينما كانت القيمة المتوسطة الفعلية التي تمّ تحقيقها هي 15% سنوياً, كما تظهر الدراسة أنّ تكاليفها ستصبح أرخص من تكاليف الوقود الأحفوري في جميع التطبيقات تقريباً خلال السنوات القادمة.
صورة توضح الثلاث السيناريوهات المحتملة Image Source: Rupert Way
من جهة أخرى, فقد ازدادت تكاليف الطاقة النووية بشكل مطرد خلال العقود الخمسة الماضية مما يرجح خروجها من المنافسة مع مصادر الطاقة المتجددة والتخزين, الأمر نفسه بالنسبة لتقنيات التقاط الكربون وتخزينه التي تعد تقنيات غير واعدة.
وكانت الدراسة قد اقترحت بعض السيناريوهات المرافقة لعملية التحوّل السريع نحو الطاقة صفرية الكربون, منها:
الاقتراب من تحقيق هدف باريس للمناخ بـ 1.5°C, على اعتبار أنّه سيتم التحكم بالانبعاثات الناتجة عن عمليات ومتطلبات الزراعة وتغيير نوعية إشغال الأراضي واستخدامها.
وفي السيناريو الثاني الذي يتمحور حول “كهربة” كل شيء تقريباً:
حيث سيتم اعتماد التخزين لفترات قصيرة و التزويد بالكهرباء لمعظم وسائل النقل باستخدام البطاريات, بينما يتم استخدام أنظمة الوقود Power-to-X (P2X) مثل المحللات الكهربائية للهيدروجين من أجل التخزين طويل الأمد للطاقة Long-Duration Energy Storage (LDES) وجميع التطبيقات التي يصعب توصيلها بالكهرباء, كما يمكن استخدام الهيدروجين نفسه كوقود أو كمادة لإنتاج أنواع أخرى من الوقود كالأمونيا والميثان.
وبيّنت الدراسة أنّه إضافةً إلى العمل من أجل المناخ الذي تحققه عملية الانتقال السريع, فهناك توفير كبير لتريليونات الدولارات حول العالم من الممكن تحقيقه من تكاليف الطاقة المستقبلية التي ستكون أنظف وأرخص وأكثر استقراراً وأماناً.
وشكّلت نتائج هذه الدراسة صدى لتوصيات مجلس المناخ الأسترالي, والذي أظهر أنّ التحوّل السريع نحو مصادر الطاقات المتجدّدة قد يخفّض من التكاليف التي يتطلبها الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وقد جاءت الدراسة ثمرة تعاون بين معهد New Economic Thinking التابع لـ Oxford Martin School, وبرنامج Oxford Martin Programme on the Post-Carbon Transition, وكلية Smith School of Enterprise & Environment في جامعة أكسفورد, ومختبرات SoDa في جامعة Monash.
رابط الدراسة:
Empirically grounded technology forecasts and the energy transition