لماذا تغيرت معادلة الاستثمار في الطاقة الشمسية و طاقة الرياح بعد ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً ؟ وهل من المعقول أن تصل فترة استرداد المشاريع إلى أٌقل من سنة في بعض البلدان؟
إن الارتفاع الغير مسبوق ، لا سيما في أوروبا ، في أسعار الطاقة العالمية و وصولها إلى مستويات قياسية لم تشهدها أسواق الطاقة في معظم دول العالم منذ عقود أدى إلى ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة المتجددة و تقنيات التخزين لها إلى مستويات قياسية. وهذا ما أدى بدوره إلى تغيير معادلة الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح و تقصير أوقات سداد المشروع إلى أقل من عام في بعض المناطق حول العالم. و هو ماسينتج عنه حالة استثمارية فريدة في هذا القطاع في السنوات القريبة المقبلة في حين لم تنتهي أزمة الطاقة العالمية.
فبحسب دراسة نشرتها شركة الاستشارات النرويجية Rystad Energy ، والتي تشير إلى أن الأسعار الحالية للطاقة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة ستؤدي إلى تقليص فترة الاسترداد للمشاريع الطاقة المتجددة لتصل إلى 12 شهرًا أو أقل. وهذا ما يعد أمر منطقي فبالنظر إلى متوسط أسعار الطاقة لشهر أغسطس في هذه البلدان سنجد أنها قد تزيد عن 400 يورو /للميجاوات ساعة وهو مايشكل أكثر بكثير من تكاليف التوليد بمصادر الطاقة المتجددة. وهذا ما يجعل الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق واسع أمر مربح للغاية و لا يحتاج إلى تفكير.
فعلى سبيل المثال، في الغالب تكلفة الإنتاج التقريبية لمحطة طاقة شمسية بقدرة 250 ميجاوات ، و بافتراض أن سعر بيع الكهرباء المنتجة بنظام البيع طويل الأجل، قد يصل ل 50 يورو / للميجاوات ساعة ( أي مايعادل تقريبا 49 دولارًا / لكل ميجاوات ساعة). وبالتالي فإن العائد المتوقع بعد احتساب الضريبة هو 6 ٪ تقريبًا و فترة الاسترداد المتوقع قد تصل ل 11 عامًا. و إذا ما افترضنا أن متوسط سعر بيع الكهرباء في الأسواق الأوروبية هو 350 يورو / ميجاوات ساعة أو أكثر فإن فترة الاستراد ستصل لسنة واحدة فقط. ولكن إذا اعتبرنا أن الحد الأدنى للسعر في أسواق الطاقة حسب المفوضية الأوروبية حوالي 180 يورو فستصل فترة الاسترداد ايضا إلى رقم قياسي و مشجع لتتراوح من خمس إلى ست سنوات.
وهذا مايجعل الاستثمارات الرأسمالية في مصادر الطاقة المتجددة تزداد بشكل كبير و غير مسبوق. فمن المقرر أن تصل إلى 494 مليار دولار في عام 2022 ، متجاوزةً حجم الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والتي تقدر بحوالي 446 مليار دولار لهذا العام.
وفي حقيقة الأمر أن فترة الاسترداد لمشاريع الطاقة الشمسية في وقت مبكر قد وصلت إلى أرقام قياسية وغير متوقعة في بعض الدول العربية كاليمن بسبب أزمة الوقود فيها و انعدام المشتقات النفطية. فعلى سبيل المثال وصلت فترة استرداد بعض المشاريع في القطاع الزراعي في اليمن إلى أقل من سنة قبل بدء أزمة الطاقة العالمية و حتى قبل انخفاض أسعار مكونات الطاقة الشمسية. وهو ماجعلها خيار منقذ للأزمة التي تمر بها البلد ولذلك وصل إجمالي القدرة المركبة في اليمن لحوالي 1750 ميجاوات منذ بداية الأزمة حتى نهاية 2021.
وهذا ماتم ذكره في تقرير استراتيجية الانتقال نحو الطاقة المتجددة في اليمن الصادرة عن معهد فوبرتال للمناخ والبيئة والطاقة و Friedrich Ebert Stiftung بالمانيا.
وفي مايخص أسواق التخزين و أسعار التقنيات المتاحة فيتوقع التقرير أن الزيادة الغير مسبوقة لإسعار الطاقة عالمياً و كذلك التشريعات المناخية التي تم تبنيها حديثًا، بما في ذلك قانون خفض التضخم الأمريكي وخطة REPowerEU التابعة للاتحاد الأوروبي، ستؤدي إلى تعزيز أسواق تخزين الطاقة بشكل كبير على مستوى العالم.
و في أحدث التوقعات لشركة BloombergNEF , فقد تصل وحدات تخزين الطاقة في جميع أنحاء العالم إلى 411 جيجاوات / 1،194 جيجاوات ساعة بحلول عام 2030. وهذا هو مايعادل حوالي 15 ضعف من قدرة التخزين العالمية الموجودة حتى نهاية عام 2021 – أي مايساوي27 جيجاوات / 56 جيجاوات ساعة. يمكنكم قراءة مقالة حول هذا التقرير انقر هنا.
و من المقرر أن تظل الولايات المتحدة والصين أكبر سوقين ، حيث من المتوقع أن يشكلا أكثر من نصف وحدات التخزين العالمية بحلول نهاية العقد. ولكن تشير التوقعات إلى أوروبا ستكون أحد أكبر الأسواق العالمية و سترفع من قدرات وحدات التخزين فيها بشكل كبير في السنوات القريبة القادمة وذلك بسبب سعيها لتوفير أمن الطاقة بعد أزمة الطاقة الحالية التي تمر بها.
ولمعرفة طرق تقييم موارد ومشاريع الطاقة المتجددة من الناحية الفنية و الاقتصادية يمكنكم الانظمام والتسجيل في البرنامج التدريبي عبر الرابط: