العوامل المحدِّدة لكفاءة تحويل الطاقة في الخلايا الكهروضوئية
هنالك عوامل كثيرة تحدد قيمة الكفاءة الفعلية لعمل الخلية الكهروضوئية المتمثل بتحرير الإلكترونات من مستوى أو نطاق طاقة التكافؤ (Valence Band) إلى نطاق طاقة التوصيل (Conduction Band)، منها العوامل الكهربائية كجهد الدارة المفتوحة، و منها العوامل الميكانيكة كخواص مادة الخلية نفسها، و التي تتحكم في بعض العمليات كخسائر المقاومة، ومنها أيضاً العوامل الضوئية أو ما يعرف بالبصريات، المتمثلة بخصائص كالإمتصاصية و الإنعكاسية وغيرها. ينصب البحث العلمي في كل مجال من هذه المحالات على تحسين قدرة الخلية و تصميمها و تمكينها، بحيث تكون قادرة على التغلب على فواقد هذه العمليات قدر المستطاع والإستفادة من خصائصها لرفع قدرة المخرج بأقل كمية طاقة طاقة ممكنة كمدخل.
Image Source: Solar Energy: The physics and engineering of photovoltaic conversion, technologies and systems
يعبر عن النسبة التي يتم من خلالها تحويل طاقة ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية من خلال الخلايا الكهروضوئية بكفاءة الخلايا الشمسية.
يعتمد إنتاج الطاقة السنوي للنظام الكهروضوئي على كفاءة الخلايا الشمسية التي يستخدمها، إلى جانب عوامل مثل خط العرض والمناخ. على سبيل المثال، إذا تم تعريض لوحة شمسية ذات كفاءة 20% ومساحة سطحية قدرها 1 متر مربع لقيمة الإشعاع الشمسي لحالة الإختبار القياسية البالغة 1000 واط/ م2 لمدة 2.74 ساعة يوميًا، فسوف تولد 200 كيلووات ساعة/ سنة في ظل ظروف الإختبار القياسية (STC)*. عادةً، تتلقى الألواح الشمسية ضوء الشمس لفترات أطول من ذلك كل يوم، على الرغم من أن الإشعاع الشمسي غالبًا ما يقل عن 1000 واط/ م2 في معظم أوقات اليوم. يكون إنتاج الألواح الشمسية أعلى عندما تكون الشمس في ذروتها ويتضاءل في الطقس الغائم أو عندما تكون الشمس منخفضة في السماء، وهو ما يحدث عادة خلال فصل الشتاء.
هناك عدة عوامل تؤثر على كفاءة الخلية في تحويل الطاقة، وتشمل خصائص مثل الإنعكاس (Reflectance)، ومحددات الديناميكا الحرارية (Thermodynamic Efficiency)، وفصل حامل الشحنة (Charge Carrier Separation Efficiency)، وجمع حامل الشحنة (Charge Carrier Collection Efficiency)، والتوصيل (Conduction Efficiency). نظرًا لأن القياس المباشر لهذه المعلمات قد يكون أمرًا صعبًا، فغالبًا ما يتم استخدام مقاييس بديلة مثل كفاءة التحويل الكمية (Quantum Efficiency) ونسبة جهد الدائرة المفتوحة (Open-circuit Voltage). تعالج الكفاءة الكمومية خسائر الإنعكاس تحت عنوان “الكفاءة الكمية الخارجية” (EQE)، بينما يتم تقييم خسائر إعادة الإندماج (Recombination Losses) من خلال الكفاءة الكمية، نسبة جهد الدائرة المفتوحة وعامل التعبئة. يتم التقاط خسائر المقاومة (Resistive Losses) بشكل أساسي بواسطة عامل التعبئة ولكنها تؤثر أيضًا على قيم الكفاءة الكمية و جهد الدائرة المفتوحة.¹
بحلول عام 2024، وصلت أعلى كفاءة للخلايا الشمسية إلى 47.6%، وقد تم تحقيقها في مايو 2022 بواسطة (Fraunhofer ISE) باستخدام خلية كهروضوئية مركزة رباعية الوصلات (III-V four-junction concentrating photovoltaic (CPV) cell). ويتجاوز هذا الرقم القياسي السابق البالغ 47.1%، والذي تم تحقيقه في عام 2019 بواسطة الخلايا الشمسية المركزة متعددة الوصلات التي تم تطويرها في المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) في جولدن، كولورادو، الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تم إنجازها في ظروف معملية باستخدام ضوء عالي التركيز. يحمل المختبر الأخير أيضًا الرقم القياسي لظروف الإختبار الفعلية مع خلايا الوصلات الثلاثية (Triple-junction Cells)، حيث وصلت الكفاءة المختبرة إلى 39.5%.²
العوامل المؤثرة على كفاءة تحويل الطاقة:
تصف المعادلة في الصورة أعلاه جميع العوامل المدروسة والتي تؤثر بشكل رئيسي في تحديد كفاءة الخلية الشمسية، سنتناول هذه العوامل في مقال آخر مع بعض من التفصيل، ولكن أولاً، يجب توضيح أجزاء المعادلة المقسمة بالترتيب، هذه الأجزاء تمثل خسائر معينة في تحويل الطاقة وهي:
1- بسبب عدم امتصاص الأطوال الموجية الطويلة.
2- بسبب تسخين الطاقة الزائدة للفوتونات (Thermalization).
3- بسبب الإنعكاس الكلي.
4- عن طريق الإمتصاص غير الكامل بسبب سمكها المحدود.
5- بسبب إعادة الاندماج (Recombination).
6- بواسطة تغطية القطب المعدني (Metal Electrode Coverage)، وفواقد التظليل.
7- بسبب عامل الجهد (Voltage Factor).
8- بسبب عامل الملء (Fill Factor).
سيتم شرح المعادلة¹ وجميع متغيراتها بالتفصيل في قادم المقالات، ويمكن للقارئ الرجوع لمصدرها المذكور هنا للاستزادة.
حد الكفاءة الديناميكية الحرارية وحدود المكدس اللانهائي (Infinite-stack Limit):
عندما يكون هناك مصدر حرارة عند درجة الحرارة (Ts) ومشتت حراري أكثر برودة عند درجة الحرارة (Tc)، فإن قيمة أقصى نسبة ممكنة من الشغل (أو الطاقة الكهربائية) إلى الحرارة الموردة يتم الحصول عليها بواسطة محرك كارنو الحراري هي (Tc/Ts)-1). فعلى سبيل المثال، اذا اخذنا درجة حرارة الشمس عند 6000 كلفن والظروف المحيطة على الأرض عند 300 كلفن، تبلغ هذه النسبة 95%. في عام 1981، أثبت “ألكسيس دي فوس” و”هيرمان باولز” إمكانية تحقيق هذه النسبة من خلال استخدام مجموعة لا حصر لها من الخلايا ذات فجوات نطاق متفاوتة (a stack of an infinite number of cells with band gaps)، تتراوح من اللانهاية (الخلايا الأولى التي ضربتها الفوتونات الساقطة عليها) إلى الخلية صفر. ففي هذه الحالة، سيكون لكل خلية جهدًا قريبًا من جهد الدائرة المفتوحة، ومع ذلك، تشير هذه الكفاءة البالغة 95% إلى أن الطاقة الكهربائية تمثل 95% من صافي كمية الضوء الممتص. لقد تناولوا أيضًا المشكلة الأكثر أهمية المتمثلة في تعظيم خرج الطاقة لمكدس خلايا مضاء من جميع الاتجاهات بواسطة إشعاع الجسم الأسود 6000 كلفن. في هذا السيناريو، تم التوصل من خلال حسابات الديناميكا لحرارية الى ان الحد الأقصى للكفاءة النظرية المحسوبة لمجموعة لا نهائية من الخلايا تحت إشعاع ضوء الشمس المركز هو 86.8%.²
الكفاءة النظرية القصوى (Shockley–Queisser Limit):
تمتلك الخلايا الكهروضوئية الإعتيادية (كخلايا السيليكون التجارية) ذات الوصلة واحدة فقط حد أقل من الكفاءة يُعرف باسم “الكفاءة القصوى”، كما وصفها شوكلي (William Shockley) وكوايزر (Hans-Joachim Queisser). لا يمكن للفوتونات التي تمتلك طاقة تحت فجوة نطاق المادة الممتصة أن تخلق زوجًا من ثقب الإلكترون، مما يؤدي إلى عدم تحويل طاقتها إلى مخرجات مفيدة؛ بدلاً من ذلك، فإنها تولد الحرارة عند الامتصاص. بالنسبة للفوتونات التي تتجاوز طاقتها فجوة النطاق، يمكن تحويل جزء فقط من الطاقة الزائدة إلى مخرجات مفيدة. عندما يتم امتصاص فوتون ذو طاقة أعلى، تتحول الطاقة الإضافية فوق فجوة النطاق إلى طاقة حركية. تتحول هذه الطاقة الحركية الفائضة إلى حرارة من خلال التفاعلات مع الفونونات حيث تنخفض الطاقة الحركية لحاملات الشحنة. تمتلك الخلايا التقليدية أحادية الوصلة، مع وجود فجوة نطاق مثالية للطيف الشمسي قيمتها تقريباً (1.34) إلكترون فولت قيمة نظرية تبلغ بكفاءة قصوى مقدارها 33.16%، والمعروفة باسم حد شوكلي-كوايزر.³
Image Source: Wiki³
تعمل الخلايا الشمسية التي تستخدم وصلات متعددة (Multi-junction Cells) بامتصاص طيف أوسع من الإشعاع الشمسي، لذلك فهي قادرة على تعزيز الكفاءة عن طريق تقسيم الطيف الشمسي إلى أجزاء أصغر، لكل منها حد أعلى من الكفاءة الديناميكية الحرارية، هذه عبارة عن خلايا ما زالت في مرحلة البحث العلمي داخل المختبرات، شأنها شأن الخلايا الكهروضوئية العضوية تقريباً، وتحتاج إلى مقالات خاصة للتكلم عن خصائصها الممتازة ومرحلة البحث والتطوير الخاص بها، بالإضافة للحديث عن تطبيقاتها وإمكانية صنعها في الأسواق التجارية أو إنتاجها بكميات ضخمة (Mass Production).
—————————–
* شروط الاختبار القياسية:
للحصول على قياس موثوق للخصائص الكهربائية لخلية كهروضوئية، من الضروري إجراء القياسات في ظل ظروف الإختبار القياسي (STC). وهذا يعني أن الإشعاع الكلي على الخلية الشمسية التي يجب قياسها تساوي 1000 واط/م2. وعلاوة على ذلك، الطيف المستخدم يجب أن يشبه الطيف (AM 1.5) او ما يعرف بمعامل كتلة الهواء “Air Mass Coefficient”. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تبقى درجة حرارة الخلية الشمسية ثابتة عند 25 درجة مئوية حيث يعتمد أداء الخلية الشمسية بقوة على درجة الحرارة.
المصادر:
1- Smets, A. H., Jäger, K., Isabella, O., Van Swaaij, R. A., & Zeman, M. (2016). Solar Energy: The physics and engineering of photovoltaic conversion, technologies and systems
2- Solar-cell Efficiency
3- Shockley–Queisser Limit